سنة الله وسنت الله في التفاسير القرآنية

تفسير قوله تعالى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ ⁽[1]⁾

جاء في تفسير ابن كثير ⁽[2]⁾ لقوله تعالى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ وَعَادَتُهُ فِي خَلْقِهِ.

جاء في تفسير تفسير ابن عباس ⁽[3]⁾ : {سُنَّةَ الله} هَكَذَا سيرة الله {الَّتِي قَدْ خَلَتْ} مَضَت {مِن قَبْلُ} فِي الْأُمَم الخالية.

جاء في تفسير الوسيط للزحيلي ⁽[4]⁾ : هو سنة الله وطريقته في المنافقين في كل زمن مضى، وهم منافقو الأمم، ولا تبديل ولا تغيير لسنة الله ونظامه، لقيامها على الحكمة والمصلحة وصلاح الأمة، بل هي سنة ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء مدى الزمان. وقوله تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ منصوب على المصدر، أي استنوا بسنة الله تعالى.

جاء في التفسير القرآني للقرآن ⁽[5]⁾ : أي سنسنّ بهم سنة الذين سبقوهم من قبل، ونأخذهم بما أخذنا به أمثالهم من أهل الضلال والنفاق.. فهذا هو حكم الله في المفسدين في الأرض، وهو حكم قائم لا يتبدل أبدا.

جاء في بيان المعاني⁽[6]⁾ : {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} أي أن أخذ أمثال هؤلاء وقتلهم وإجلاءهم إن يبقوا مصرين على حالهم هي عادة الله في خلقه السالفين {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} أبدا بل تبقى مطردة جارية مجراها لا يحول دونها شيء.

 جاء في حدائق الروح والريحان ⁽[7]⁾ : {سُنَّةَ اللَّهِ} سن الله ذلك في الأمم الماضية سنة، وجعله طريقة مسلوكةً من جهة الحكمة .{وَلَنْ تَجِدَ} يا محمد {لِسُنَّةِ اللَّهِ} سبحانه وعادته في خلقه {تَبْدِيلًا}؛ أي: تغييرًا أصلًا؛ أي: لا يبدِّلها لابتنائها على أساس الحكمة التي عليها يدور ذلك التشريع، أو لا يقدر أحد على أن يبدلها؛ لأن ذلك مفعول له لا محالة، بل هي ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء في الخلف والسلف.

جاء في النكت والعيون ⁽[8]⁾  في قوله عز وجل: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} يعني طريقة الله وعادته السالفة نصر رسله وأوليائه على أعدائه. وفي قوله: {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} وجهان: أحدهما ولن تتغير سنة الله وعادته في نصرك على أعدائك وأعدائه. الثاني لن تجد لعادة الله في نصر رسله مانعاً من الظفر بأعدائه وهو محتمل.

جاء في مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير ⁽[9]⁾  في قوله عز وجل: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} يَعْنِي هَذَا لَيْسَ بِدْعًا بِكُمْ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ جَارِيَةٌ وَعَادَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ تُفْعَلُ بِالْمُكَذِّبِينَ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ مِثْلَ الْحُكْمِ الَّذِي يُبَدَّلُ وَيُنْسَخُ فَإِنَّ النَّسْخَ يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ، أَمَّا الْأَفْعَالُ وَالْأَخْبَارُ فَلَا تُنْسَخُ.  

جاء في البحر المحيط في التفسير ⁽[10]⁾  : وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَهْلُ سُنَنٍ أَيْ طَرَائِقَ أَوْ أُمَمٍ، عَلَى شَرْحِ الْمُفَضَّلِ أَنَّ السُّنَّةَ الْأُمَّةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: سُنَّةٌ أَقْضِيَةٌ فِي إِهْلَاكِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ عَادٍ وَثَمُودَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَمْثَالٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَائِعُ وَطَلَبُ السَّيْرِ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَالُ مَنْ تَقَدَّمَ تُدْرَكُ بِالْأَخْبَارِ دُونَ السِّيَرِ. لِأَنَّ الْأَخْبَارَ إِنَّمَا تَكُونُ مِمَّنْ سَارَ وَعَايَنَ، وَعَنْهُ يُنْقَلُ: فَطَلَبَ مِنْهُ الْوَجْهَ الْأَكْمَلَ إِذْ لِلْمُشَاهَدَةِ أَثَرٌ أَقْوَى مِنْ أَثَرِ السَّمَاعِ. وَقِيلَ: السَّيْرُ هُنَا مَجَازٌ عَنِ التَّفَكُّرِ، وَهُوَ مِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: النَّظَرُ هُنَا مِنْ نَظَرِ الْعَيْنِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ بِالْفِكْرِ. وَالْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ فِي مَوْضِعِ المفعول لا نظروا لأنها معلقة وَكَيْفَ فِي مَوْضِعِ نَصْبِ خَبَرِ كَانَ. وَالْمَعْنَى: مَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ وَقَائِعِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ  وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ  .

جاء في التفسير القرآني للقرآن ⁽[11]⁾ :{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}، {سنة} منصوب بفعل محذوف، وتقديره، لقد سنّ الله سبحانه وتعالى بهؤلاء المشركين سنة الله التي قد خلت من قبل، وهى سنة الله فيما بين أولياء الله وأولياء الشيطان، بين أهل الحق، وأهل الباطل.. وسنة الله: هى حكمه، وقضاؤه.

جاء في التبيان الجامع لعلوم القرآن ⁽[12]⁾: و‌قوله‌ {سُنَّةَ اللّه‌ِ فِي‌ الَّذِين‌َ خَلَوا مِن‌ قَبل‌ُ} فالسنة الطريقة ‌في‌ تدبير الحكيم‌ و ‌منه‌ سنة ‌رسول‌ اللّه‌، و ‌هي‌ الطريقة ‌الّتي‌ أجراها بأمر اللّه‌ ‌تعالى‌، فأضيفت‌ إليه‌ لأنه‌ فعلها بأمر اللّه‌. وأصل‌ السنة الطريقة. و‌من‌ عمل‌ الشي‌ء مرة ‌أو‌ مرتين‌ ‌لا‌ يقال‌: ‌إن‌ ‌ذلك‌ سنة، لأن‌ السنة الطريقة الجارية، و ‌لا‌ تكون‌ جارية ‌بما‌ ‌لا‌ يعتد ‌به‌ ‌من‌ العمل‌ القليل‌، وسنة اللّه‌ ‌في‌ المتمردين‌ ‌في‌ الكفر‌-‌ ‌الّذين‌ ‌لا‌ يقلع‌ أحد منهم‌ و‌لا‌ ‌من‌ نسلهم‌-‌ الإهلاك‌ ‌في‌ العذاب‌ ‌في‌ الدنيا والآخرة. و‌قوله‌ {وَلَن‌ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّه‌ِ تَبدِيلًا} معناه‌ ‌إن‌ السنة ‌الّتي‌ أراد اللّه‌ ‌أن‌ يسنها ‌في‌ عباده‌ ‌لا‌ يتهيأ لأحد تغييرها، و ‌لا‌ قلبها ‌عن‌ وجهها لأنه‌ ‌تعالى‌ القادر الذي‌ ‌لا‌ يتهيأ لأحد منعه‌ مما أراد فعله‌.

تفسير قوله تعالى: ﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ ⁽[13]⁾ .

جاء في تفسير الماتريدي ⁽[14]⁾ لقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}، وقوله - تعالى -: {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ}. وقيل {سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} شرائع الذين من قبلكم من المحرمات والمحللات: من أهل التوراة، والإنجيل، والزبور، وسائر الكتب.

جاء في تفسير الماوردي ⁽[15]⁾ : لقوله تعالى {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ} السنة الطريقة المعتادة.

جاء في تفسير ابن جزي ⁽[16]⁾: وفرض هنا بمعنى قسم له {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} أي عادة الله في الأنبياء المتقدمين أن ينالوا ما أحل الله لهم.

جاء في تفسير ابن جزي ⁽[17]⁾: والأخذ الأسر سُنَّةَ اللَّهِ أي عادته ونصب على المصدر {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} أي عادته في المنافقين من الأمم المتقدمة.

جاء في تفسير ابن كثير ⁽[18]⁾: وَقَوْلُهُ {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} أَيْ: هَذَا حُكْمُ اللَّهِ فِي الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ، لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهُمْ بِشَيْءٍ وَعَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ حَرج.

جاء في التفسير القرآني للقرآن ⁽[19]⁾ : وقوله تعالى {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} السنة هنا: الحكم والشأن ... والذين خلوا: هم الذين سبقوا من رسل الله.

جاء في الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية ⁽[20]⁾: وبالجملة ليس أمثال هذا ببدع من الله مخصوص بهذا النبي بل سُنَّةَ اللَّهِ الحكيم العليم المتقن في أفعاله المستمرة القديمة التي قد سنها سبحانه فِي الَّذِينَ خَلَوْا ومضوا مِنْ قَبْلُ من الأنبياء والرسل بان لا حرج ولا جريمة لهم أصلا فيما صدر عنهم من أمثاله وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ المثبت في لوح قضائه وحكمه المبرم المحكوم به في حضرة علمه المحيط قَدَراً مَقْدُوراً حتما مقضيا مبرما محكوما به البتة وكيف لا يقضى ولا يحكم بالسنن المقدرة للأنبياء والرسل وهم الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ المحمولة عليهم من قبل الله بوحي الله والهامه الى من أرسلوا إليهم من الأمم بلا تبديل ولا تغيير.

جاء في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ⁽[21]⁾ : {سُنَّةَ اللَّهِ} أي طرّق لك المحيط بجميع العظمة هذه الطريقة كطريقته {فِي الَّذِينَ خَلَوْا} أي مضت أيامهم وأخبارهم، وانقضت وقائعهم وأعمارهم.

تفسير قوله تعالى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ ⁽[22]⁾.

جاء في تفسير العز بن عبد السلام ⁽[23]⁾: {سُنَّةَ اللَّهِ} طريقته السالفة في نصر رسله وأوليائه على أعدائه {وَلَن تَجِدَ} لن يغير سنته في نصرك على أعدائك.

جاء في تفسير ابن كثير ⁽[24]⁾: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أَيْ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ وَعَادَتُهُ فِي خَلْقِهِ.

جاء في التفسير الوسيط للواحدي ⁽[25]⁾ : ثم ذكر أن سنة الله النصرة لأوليائه، فقال: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ}⁽[26]⁾ قال ابن عباس: يريد هذه سنتي في أهل طاعتي، وأهل معصيتي: أنصر أوليائي، وأخذل أعدائي.

جاء في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ⁽[27]⁾: وقوله: سُنَّةَ اللَّهِ إشارة إلى وقعة بدر، وقيل إشارة إلى عادة الله من نصر الأنبياء قديما، ونصب سُنَّةَ على المصدر، ويجوز الرفع ولم يقرأ به.

جاء في الجامع لأحكام القرآن ⁽[28]⁾: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ" يعني طريقة الله وعادته السَّالِفَةُ نَصْرُ أَوْلِيَائِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ. وَانْتَصَبَ" سُنَّةَ" عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقِيلَ:" سُنَّةَ اللَّهِ" أَيْ كَسُنَّةِ اللَّهِ. وَالسُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ. قَالَ: فَلَا تَجْزَعَنَّ مِنْ سِيرَةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا.

جاء في أنوار التنزيل وأسرار التأويل ⁽[29]⁾:{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} أي سنَّ غُلَّبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال تعالى: لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي. وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا تغييراً.   

تفسير قوله تعالى: سورة غافر ﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ ⁽[30]⁾ .

جاء في تفسير ابن عباس ⁽[31]⁾: {سُنَّةَ الله} هَكَذَا سيرة الله {الَّتِي قَدْ خَلَتْ} مَضَت {فِي} على {عِبَادِهِ}.

جاء في مفاتيح الغيب ⁽[32]⁾: {سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ} والمعنى أن عدم قبول الإيمان حال اليأس سنة الله مطردة في كل الأمم.

جاء في الجامع لأحكام القرآن ⁽[33]⁾: {سُنَّةَ ٱللَّهِ} مصدر؛ لأن العرب تقول: سَنّ يسن سنّاً وسُنّة؛ أي سنّ الله عز وجل في الكفار أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب .. وأن التوبة لا تقبل بعد رؤية العذاب وحصول العلم الضروري.

جاء في التبيان الجامع لعلوم القرآن ⁽[34]⁾: {سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ} نصب {سنة الله} على المصدر، والمعنى طريقة الله المستمرة من فعله بأعدائه والجاحدين لنعمه واتخاذ الولايج من دونه في ما مضى مع عباده الذين كفروا به.

جاء في التحرير والتنوير ⁽[35]⁾ : {سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون}، انتصب {سُنَّتَ الله} على النيابة عن المفعول المطلق لأن {سنت} اسم مصدر السَّنِّ، وهو آتٍ بدلاً من فعله، والتقدير: سَنَّ الله ذلك سُنَّةً، فالجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لسؤال مَن يسأل لماذا لم ينفعهم الإِيمان وقد آمنوا، فالجواب أن ذلك تقدير قدّره الله للأمم السالفة أعلمهم به وشَرَطه عليهم فهي قَديمة في عباده لا ينفع الكافر الإِيمان إلا قبل ظهور البأس ولم يستثن من ذلك إلا قوم يونس قال تعالى:{فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا} ⁽[36]⁾.

ووجه عدم قبول الإِيمان عند حلول عذاب ... كون إيمانهم حينئذٍ بمنزلة اعتراف أهل الحشر بذنوبهم وليست ساعة عمل، قال تعالى في شأن فرعون: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}⁽[37]⁾ ، وقال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}⁽[38]⁾  فأشار قوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} إلى حكمة عدم انتفاع أحد بإيمانه ساعتئذٍ. وإنما كان ما حل بقوم يونس حالاً وسيطاً بين ظهور البأس وبين الشعور به عند ظهور علاقاته.

تفسير قوله تعالى:  ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ ⁽[39]⁾ .

جاء في روح البيان ⁽[40]⁾: إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ أي سنة الله فى الأمم المتقدمة بتعذيب مكذبيهم وماكريهم. والسنة الطريقة وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة الله طريقة حكمته.

جاء في جامع البيان عن تأويل آي القرآن ⁽[41]⁾ : حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأوَّلِـينَ}: أي عقوبة الأوّلـين. {فَلَنْ تَـجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبْدِيلاً} يقول: فلن تـجد يا مـحمد لسنة الله تغيـيراً. وقوله: {وَلَنْ تَـجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَـحْوِيلاً} يقول: ولن تـجد لسنَّة الله فـي خـلقه تبديلاً يقول: لن يغير ذلك، ولا يبدّله، لأنه لا مردّ لقضائه.

جاء في تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ⁽[42]⁾ : {سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ} إنزال العذاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم، وجعل استقبالهم لذلك انتظاراً له منهم، وبين أنّ عادته التي هي الانتقام من مكذبي الرسل عادة لا يبدلها ولا يحولها، أي: لا يغيرها، وأنّ ذلك مفعول له لا محالة، واستشهد عليهم بما كانوا يشاهدونه في مسايرهم ومتاجرهم في رحلهم إلى الشام والعراق واليمن: من آثار الماضين وعلامات هلاكهم ودمارهم.

جاء في مفاتيح الغيب ⁽[43]⁾: وقوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلأَوَّلِينَ} أي ليس لهم بعد هذا إلا انتظار الإهلاك وهو سنة الأولين وفيه مسائل: المسألة الأولى: الإهلاك ليس سنة الأولين إنما هو سنة الله بالأولين، ...، فكذلك سنة الله بهم أضافها إليهم لأنها سنة سنت بهم وأضافها إلى نفسه بعدها بقوله: {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً} لأنها سنة من سنن الله، إذا علمت هذا فنقول أضافها في الأول إليهم حيث قال: {سنة الأَولين} لأن سنة الله الإهلاك بالإشراك والإكرام على الإسلام فلا يعلم أنهم ينتظرون أيهما فإذا قال سنة الأولين تميزت وفي الثاني أضافها إلى الله، لأنها لما علمت فالإضافة إلى الله تعظمها وتبين أنها أمر واقع ليس لها من دافع وثانيهما: أن المراد من سنة الأولين استمرارهم على الإنكار واستكبارهم عن الإقرار، وسنة الله استئصالهم بإصرارهم فكأنه قال: أنتم تريدون الإتيان بسنة الأولين والله يأتي بسنة لا تبديل لها ولا تحويل عن مستحقها. المسألة الثانية: {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً} حصل العلم بأن العذاب مع أنه لا تبديل له بالثواب لا يتحول عن مستحقه إلى غيره فيتم تهديد المسيء. المسألة الثالثة: المخاطب بقوله: ... سنة الله أنه لا يهلك ما بقي في القوم من كتب الله إيمانه، فإذا آمن من في علم الله أنه يؤمن يهلك الباقين كما قال نوح:{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ}⁽[44]⁾  أي تمهل الأمر وجاء وقت سنتك.

جاء في الجامع لأحكام القرآن ⁽[45]⁾: قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلأَوَّلِينَ} أي إنما ينتظرون العذاب الذي نزل بالكفار الأولين. {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً} أي أجرى الله العذاب على الكفار، ويجعل ذلك سُنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه، لا يقدر أحد أن يبدّل ذلك، ولا أن يحوّل العذاب عن نفسه إلى غيره. والسُّنّة الطريقة، والجمع سُنَن. وقال في موضع آخر: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا}⁽[46]⁾ فأضاف إلى القوم لتعلّق الأمر بالجانبين؛ وهو كالأجل، تارة يضاف إلى الله، وتارة إلى القوم؛ قال الله تعالى:{فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ} ⁽[47]⁾.

جاء في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ⁽[48]⁾ : {إلا سنت الأولين} أي طريقتهم في سرعة أخذ الله لهم وإنزال العذاب بهم. ولما كان هذا النظر يحتاج إلى صفاء في اللب وذكاء في النفس، عدل عن ضميرهم إلى خطاب أعلى الخلق، تنبيهاً على أن هذا مقام لا يذوقه حق ذوقه غيره، فسبب عن حصر النظر أو الانتظار في ذلك قوله، مؤكداً لأجل اعتقاد الكفرة الجازم بأنهم لا يتغيرون عن حالهم وأن المؤمنين لا يظهرون عليهم: {فلن تجد} أي أصلاً في وقت من الأوقات {لسنت الله} أي طريقة الملك الأعظم التي شرعها وحكم بها، وهي إهلاك العاصين وإنجاء الطائعين {تبديلاً} أي من أحد يأتي بسنة أخرى غيرها تكون بدلاً لها لأنه لا مكافئ له {ولن تجد لسنت الله} أي الذي لا أمر لأحد معه {تحويلاً} أي من حالة إلى أخفى منها لأنه لا مرد لقضائه، لأنه لا كفوء له.

جاء في الوسيط في تفسير القرآن الكريم ⁽[49]⁾: قال الجمل ما ملخصه: قوله: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ آلأَوَّلِينَ} مصدر مضاف لمفعوله تارة كما هنا، ولفاعله أخرى كقوله {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً} لأنه -تعالى - سنها بهم، فصحت إضافتها للفاعل وللمفعول، والفاء في قوله {فَلَن تَجِدَ} لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب. ونفي وجدان التبديل والتحويل، عبارة عن نفي وجودهما بالطريق البرهاني، وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما. والمراد: بعدم التبديل. أن العذاب لا يبدل بغيره. وبعدم التحويل: أنه لا يحول عن مستحقه إلى غيره. وجمع بينهما هنا: تعميما لتهديد المسئ لقبح مكره.

---

([1]) سورة الأحزاب ، الآية 63.  

([2]) تفسير ابن كثير، ابن كثير الدمشقي  (7/ 150).

([3]) تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، أبو الطاهر الفيروز آبادي (ص: 433).  

([4]) التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي (3/ 2088).  

([5]) التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم يونس الخطيب (11/ 755).  

([6]) بيان المعاني، عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني (5/ 495).  

([7]) حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، الأرمي الشافعي (23/ 141).  

([8]) النكت والعيون، الماوردي (5/ 318).  

([9]) مفاتيح الغيب، الرازي (25/ 184).  

([10]) البحر المحيط، أبو حيان (3/ 351).  

([11]) التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم يونس الخطيب (13/ 420).

([12]) التبيان الجامع لعلوم القرآن، الطوسي (8/ 363).

([13]) سورة الأحزاب، الآية 38.  

([14]) تأويلات أهل السنة، الماتريدي (3/ 134).

([15]) النكت والعيون، الماوردي (4/ 408).

([16]) التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي (2/ 153).

([17]) التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي (2/ 159).

([18]) تفسير ابن كثير، ابن كثير الدمشقي  (6/ 427).

([19]) التفسير القرآني للقرآن (11/ 724).

([20]) الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية، نعمة الله بن محمود النخجواني، ويعرف بالشيخ علوان (2/ 158).

([21]) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، أبي بكر البقاعي (15/ 414).  

([22]) سورة الفتح، الآيتان  22 و23.  

([23]) تفسير العز بن عبد السلام (3/ 207).

([24]) تفسير ابن كثير، ابن كثير الدمشقي  (7/ 316).

([25]) التفسير الوسيط، الواحدي (4/ 141).

([26]) سورة الفتح، الآية 23.  

([27]) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية، (5/ 135).

([28]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (16/ 280).

([29]) أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي (5/ 130).

([30]) سورة غافر، الآية 85.  

([31]) تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، أبو الطاهر الفيروز آبادي (ص/ 400).  

([32]) مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، أبو بكر الرازي (27/ 536).  

([33]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (15/ 336).

([34]) التبيان الجامع لعلوم القرآن، الطوسي (9/ 102).

([35]) التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور (24 /222).  

([36]) سورة يونس، الآية 98.  

([37]) سورة يونس، الآية 90 و91.  

([38]) سورة الأنعام، الآية 158.  

([39]) سورة فاطر، الآية 43.  

([40]) روح البيان، إسماعيل حقي (7/ 361).  

([41]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري (19 /394).  

([42]) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشري (3 /619).  

([43]) مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، أبو بكر الرازي (26 /247).   

([44]) سورة نوح، الآية 27.  

([45]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (14/ 360).

([46]) سورة الإسراء، الآية 77.  

([47]) سورة العنكبوت، الآية 5.  

([48]) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، البقاعي (16/ 75).

([49]) الوسيط في تفسير القرآن الكريم ، محمد سيد طنطاوي (11/ 359).

أضف تعليق

مدخل إلى سنن اللّه تعالى

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

شاركه

أعجبني

G+

غرد

غرد تغريدة

إقرأ أيضًا