سنة الأولين و سنت الأولين في التفاسير القرآنية.

تفسير قوله تعالى: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ ⁽[1]⁾ .

جاء في تفسير البغوي ⁽[2]⁾  :{سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} أَيْ: وَقَائِعُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِهْلَاكِ فِيمَنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ.

جاء في فتح البيان في مقاصد القرآن ⁽[3]⁾: {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} أي مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حيث فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء.

جاء في تفسير ابن عباس ⁽[4]⁾: {وَقَدْ خَلَتْ} مَضَت {سُنَّةُ الْأَوَّلين} سيرة الْأَوَّلين بتكذيب الرُّسُل كَمَا كَذبك قَوْمك وَمَضَت سيرة الله فيهم بِالْعَذَابِ والهلاك من الله لَهُم عِنْد التَّكْذِيب.

جاء في التفسير المظهري ⁽[5]⁾:{وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} أي سنة الله فيهم بأن خذلهم وسلك الكفر فى قلوبهم أو بإهلاك من كذب الرسل منهم.

جاء في التحرير والتنوير⁽[6]⁾ : وَالسُّنَّةُ: الْعَادَةُ الْمَأْلُوفَةُ. وَإِضَافَتُهَا إِلَى الْأَوَّلِينَ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةُ اللَّهِ فِيهِمْ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ هُنَا، وَالْإِضَافَةُ لأدنى مُلَابسَة.

جاء في أوضح التفاسير ⁽[7]⁾: {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ} مضت {سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} أي سنة الله تعالى فيهم، وعادته معهم؛ من تعذيبهم بتكذيبهم، واستئصالهم بطغيانهم.

جاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم ⁽[8]⁾: وقد مضت طريقة اللَّه تعالى فى إمهالهم حتى يروا عذاب يوم القيامة المؤلم.

جاء في حدائق الروح والريحان ⁽[9]⁾: {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}؛ أي: قد مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم، حين فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء.

جاء في الهداية إلى بلوغ النهاية ⁽[10]⁾: {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين} وقد خلت وقائع الله عز وجل بمن خلا قبلهم.

تفسير قوله تعالى: ﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ﴾ ⁽[11]⁾ .

 جاء في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثان ⁽[12]⁾:{فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ} أي عادة الله تعالى الجارية في الذين تحزبوا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من نصر المؤمنين عليهم وخذلانهم وتدميرهم. وأضيفت السنة إليهم لما بينهما من الملابسة الظاهرة، ونظير ذلك قوله سبحانه: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا} فأضاف السنة إلى المرسلين مع أنها سنته تعالى لقوله سبحانه:{وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً} باعتبار جريانها على أيديهم، ويدخل في الأولين الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر، وبعضهم فسره بذلك ولعل الأول أولى لعمومه ولأن السنة تقتضي التكرر في العرف وإن قالوا: العادة تثبت بمرة، والجملة على ما في «البحر» دليل الجواب، والتقدير إن يعودوا انتقمنا منه أو نصرنا المؤمنين عليهم فقد مضت سنة الأولين، وذهب غير واحد إلى أن المراد بالذين كفروا الكفار مطلقاً، والآية حث على الإيمان وترغيب فيه، والمعنى أن الكفار أن انتهوا عن الكفر وأسلموا غفر لهم ما سلف منهم من الكفر والمعاصي وخرجوا منها كما تنسل الشعرة من العجين وإن عادوا إلى الكفر بالارتداد فقد رجع التسليط والقهر عليهم.

جاء في تفسير المنار ⁽[13]⁾ : {فقد مضت سنة الأولين} أي: تجري عليهم سنته المطردة في أمثالهم من الأولين الذين عادوا وقاتلوهم، وقال مجاهد: في قريش وغيرها يوم بدر والأمم قبل ذلك، أقول: وهي السنة التي عبر عنها بمثل قوله: {إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز}⁽[14]⁾ وقوله:{إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}⁽[15]⁾ فإضافة السنة إلى الأولين، لملابستها لهم وجريانها عليهم.

جاء في تفسير الماوردي ⁽[16]⁾ لقوله تعالى {وَإِن يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأُوَّلِينَ} تأويله على احتمال الوجهين الأولين: فعلى الوجه الأول: تأويله: وإن يعودواْ إلى المحاربة فقد مضت سنة الأولين فيمن قتل يوم بدر وأسر، قاله الحسن ومجاهد والسدي. وعلى الوجه الثاني: فقد مضت سنة الأولين من الأمم السالفة فيما أخذهم الله به في الدنيا من عذاب الاستئصال.

تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ ⁽[17]⁾ .

جاء في تفسير مقاتل ⁽[18]⁾ لقوله تعالى{إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ}، يعني أن ينزل بهم مثل عذاب الأمم الخالية في الدنيا، فنزل ذلك بهم في الدنيا ببدر من القتل، وضرب الملائكة الوجوه والأدبار، وتعجيل أرواحهم إلى النار، ثم قال سبحانه: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً}، يعني عياناً.

جاء في الجواهر الحسان في تفسير القرآن ⁽[19]⁾ : وقوله سبحانه: و{سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ}، هي عذاب الأمم المذكورة في القرآن.

جاء في زاد المسير في علم التفسير ⁽[20]⁾ : قوله تعالى {إِلا أن تأتيَهم سُنَّةُ الأوَّلِين} وهو: أنهم إِذا لم يؤمنوا عذِّبوا. وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال. أحدها: ما منعهم من الإيمان إِلا طلب أن تأتيهم سُنَّة الأولين، قاله الزجاج. والثاني: وما منع الشيطانُ الناس أن يؤمنوا إِلا لأَن تأتيهم سُنَّة الأولين، أي: منعهم رُشْدَهُم لكي يقع العذاب بهم، ذكره ابن الأنباري. والثالث: ما منعهم إِلا أنِّي قد قدَّرت عليهم العذاب. وهذه الآية فيمن قُتل ببدر وأُحُد من المشركين، قاله الواحدي.

---

([1]) سورة الحجر ، الآية 13.  

([2]) تفسير البغوي، أبو محمد الحسين بن الفراء البغوي (4/ 370).  

([3]) فتح البيان في مقاصد القرآن، محمد صديق خان القِنَّوجي (7/ 151).  

([4]) تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، أبو الطاهر الفيروز آبادي (ص: 216).  

([5]) تفسير المظهري، محمد ثناء الله المظهري (5/ 293).  

([6]) التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور (14/ 25).  

([7]) أوضح التفاسير، محمد محمد عبد اللطيف بن الخطيب (1/ 313).  

([8]) المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر (1/ 373).  

([9]) تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (15/ 24).  

([10]) الهداية الى بلوغ النهاية (6/ 3867).  

([11]) سورة الأنفال، الآية 38.  

([12]) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثان، الآلوسي (9/ 207).  

([13]) تفسير المنار، محمد رشيد رضا (9/ 552).

([14]) سورة المجادلة، الآيتان 20 و21.  

([15]) سورة غافر، الآية 51.  

([16]) النكت والعيون، الماوردي (2/ 318).

([17]) سورة الكهف، الآية 55.  

([18]) تفسير مقاتل بن سلمان (2/ 590).

([19]) الجواهر الحسان في تفسير القرآن، الثعالبي (3/ 532).

([20]) زاد المسير في علم التفسير، ابن جزي (3/ 92).

أضف تعليق

مدخل إلى سنن اللّه تعالى

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

شاركه

أعجبني

G+

غرد

غرد تغريدة

إقرأ أيضًا

• سنن اللّه تعالى بوصفها مركبات إضافية تدل مجموعة مصطلحات على ارتباط السنن بالله تعالى فعلا وجعلا ووضعا منه عزّ وجلّ، وهذا ما يتجلى ف
• دراسة سنن اللّه تعالى ضرورة في فهم الواقع وإستشراف للمستقبل إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله ف
• سنة الله وسنت الله في التفاسير القرآنية تفسير قوله تعالى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة
• المفاهيم اللغوية لسنن اللّه تعالى. السنن جمع مفرده سنة من الفعل الثلاثي "سنّ" الذي نجد لمادته اللغوية "س.ن.ن" في معاجم ([1]) ال
• لفظ سنة و سنن في التفاسير القرآنية تفسير قوله تعالى: ﴿ سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِس
• سنن اللّه تعالى بوصفها كلمات مفردة تدل مجموعة من مصطلحات المفردة في الدلالة على معنى السنن الإلهية، ومن جملة هذه المفردات م